mardi 12 avril 2016

النشاط البدني المكيف بالجزائر والشخص في وضعية إعاقة

النشاط البدني المكيف بالجزائر والشخص في وضعية إعاقة

الشخص والمجتمع
كل فرد يحتاج طوال حياته أو خلال فترة من حياته إلى خدمات ملائمة لكي ينمو يتعلم أو يتدرب أو يتوافق مع متطلبات حياته اليومية أو الوظيفية أو المهنية ويمكنه أن يشارك في عمليات التنمية الشاملة بقدر ما يستطيع وبأقصى طاقاته كشخص وكمواطن.
تعريف الشخص في وضعية إعاقة
هو الشخص الذي يعتبر- الغير العادي- وقدم له العناية المناسبة وهو شخص ينحرف انحرافا ملحوظا عما يعتبره عادي ويتطلب تعديلات رئيسية تربوية والمدرسية والمهنية وإلخ. وينتمي الشخص في وضعية إعاقة إلى الفئة ثم الصنف وأخيرا الدرجة.
مفهوم الإعاقة
توجد مفاهيم مختلفة لمصطلح الإعاقة فيمكن تناولها على أنها "ضرر" أو "صعوبة" أصابت أو تصيب الفرد نتيجة الضعف أو القصور أو العجز وتحد أو تمنعه من أدائه دوره العادي (تتوقف على عوامل ثقافية، اجتماعية، جنسية، الخ.) وهي تمثل الجانب الاجتماعي للضعف أو العجز ونوع ودرجة الإعاقة والتي تؤثر في القيم والاتجاهات والتوقعات التي تراعي فيها البيئة الاجتماعية للأفراد، ونتجه في علاجها إلى أبعاد أساسية منها الاستقلالية (البدنية والحركية)، أداء العمل والمشاركة (الدمج) الاجتماعية، الاكتفاء الذاتي، الخ.
لمحة تاريخية وجيزة حول النشاط البدني المكيف (Activité Physique Adaptée)
في بداية السبعينات تم الاعتراف دوليا بمفهوم النشاط البدني المكيف في اطار المؤتمر العالمي الذي عقد في عام 1977 بمدينة Château Frontenac  كيبك - كندا.
أدخل مفهوم النشاط البدني المكيف إلى أوروبا في عام 1979 من قبل البلجيكي Jean Claude De Potter  والذي قام بتنظيم الندوة الدولية الثانية في النشاط البدني المكيف بالجامعة الحرة ببروكسل ببلجيكا.
ثم أنشئ عام 1989 الاتحاد الدولي للنشاط البدني المكيف IFAPA بمؤتمر برلين بألمانيا ولا يزال ينشط إلى يومنا هذا.                 https://fr.wikipedia.org/wiki/Activités_physiques_adaptées
الأستاذ الفاخر كليرمون سيمار (Pr. Clermont SIMARD) أب ومؤسس النشاط البدني المكيف لمدة 27 عاما ساهم من خلال تعاليمه والبحوث القيمة ونشر ما يقارب من 150 مقال في المجلات المعترف بها عالميا وشارك في تأليف العديد من الكتب.
مؤلف بارع وتواصلي استثنائي وعضو في العديد من المنظمات العالمية.
تعريف وجيز للنشاط البدني المكيف
تتداول بكثرة عبارات "الرياضة" أو "التربية البدنية" من طرف الأغلبية من الناس ولكن المفهوم الحديث هو النشاط البدني المكيف ويستعمل مصطلح "التكيف" أو التعديل للأنشطة البدنية أي بمعنى آخر، وضع النشاط البدني في متناول الممارسين وهذا بغرض تحقيق التنمية أو التوافق أو التحسين للمرضى أو الأشخاص في وضعية إعاقة، ويكون هذا التداول في كثير من الأحيان في بروتوكولات الرعاية المتعددة الكفاءات بالمؤسسة أو الجمعية المتخصصة.
-  النشاط: هي عملية تدخل ممنهجة تسمح بتحقيق مجموعة من الغايات بواسطة خدمات متعددة ومتنوعة ذات طابع تربوي أو صحي أو اجتماعي.
- البدن: هو يتعلق بكل جوانب الشخص، أي بمعنى آخر كل الأبعاد الانسانية.
-   المكيف: هو المعدل أو الملائم والذي يتمشى مع متطلبات وظروف الشخص.
يشمل النشاط البدني المكيف  (APA)على جميع الأنشطة البدنية والرياضية التي تتماشى خصيصا حسب قدرات وكفاءات ومؤهلات الشخص وتلقن لجميع الأشخاص (الأطفال والكبار) في وضعية إعاقة و/ أو الشيخوخة أو المصابين بأمراض مزمنة أو ذوي الصعوبات الاجتماعية الشخص الحدث أو المسعف أو المدمن وإلى آخره، بغرض الوقاية أو إعادة التأهيل أو التعافي أو إعادة الإدماج (الأسري والتعليمي والمهني والجمعاوي والمشاركة الاجتماعية)
وتمارس من قبل المهنيين المدربين كالمربين المتخصصين وعلى وجه التحديد في تقنيات الأنشطة البدنية والرياضية والسعي لتحقيق الأهداف التربوية والصحية ولاجتماعية ويكون تكوينهم بالجامعة أو مؤسسات التكوين.    (SFP-APA, 2010) 
الشخص ومختلف الصعوبات أو المعوقات
كل الأشخاص الذين يعيشون إعاقة أو صعوبة ما تتطور لديهم اضطرابات متعددة ومتنوعة حسب الفئة والصنف الذي ينتمون إليه من جراء عوامل داخلية وخارجية.
‌أ.     العوامل الداخلية: كما يعرف لدا العام والخاص أن الإعاقة أو الصعوبة مهما كان نوعها تتسبب في ظهور عدة اضطرابات ومعوقات مختلفة(حسب الفئة أو درجة الاعاقة)
-   تاصعوبات الأكثر ظهورا:
1.  فقدان الاستقلالية.
2.  غياب اتصال خارجي خاصة لدى الحالات العميقة.
3.  رداءة التنسيق والحركات الطفيلية.
4.  انعدام المراقبة للقوة والسرعة.
5.  قدرات محدودة في الحركية الدقيقة.
6.  غياب التطلع والمثابرة والتي تحد من تصرفاتهم الاستكشافية.
7.  رداءة التنسيق البصري الحركي.
8.  وضعية رديئة للرأس والحوض(ضعف الصورة الجسمانية)
9.  صعوبة فضائية زمنية.
10.   صعوبة في الجانبية وإلخ...
ب.     العوامل الخارجية:
· التهميش والإقصاء من المشاركة في النشاطات اليومية(لا يطمح لممارسة نشاط بدني)
·  الحماية المفرطة من طرف الأبوين(يمنع من كل نشاط حركي ما بحجة المخاطر)
· انعدام كلي للنشاطات البدنية التي من الممكن برمجتها بالمؤسسة( الركود المجبر)
·   عوامل أخرى(ثقافية واجتماعية واقتصادية، الخ.)
الأثر الإيجابي للنشاط البدني المكيف
يهدف النشاط البدني المكيف عن طريق "خصوصياته" إلى مساعدة ومرافقة كل الأشخاص في حالة إعاقة على إبراز كفاءتهم ومؤهلاتهم وقدراتهم الذاتية (البدنية والنفسية الحركية والحسية الحركية (لكي تنمى وتستغل عن طريق النشاطات الحركية المختلفة، والتي يجب برمجتها وإدراجها في برنامج المرافقة (التكفل) بالمؤسسة المتخصصة.  لا بد أن يأخذ النشاط البدني المكيف المكانة الحقيقية والطبيعية ليصبح من أهم النشاطات التربوية الحيوية والضرورية في جميع الأبعاد أو ثلاثية الأبعاد للنشاط البدني المكيف:
-  من الناحية التربوية: إعطاء الفرصة للتعبير وإبراز المؤهلات الذاتية لديه لتنمى وتستغل.
- من الناحية الصحية: تعزيز العامل الصحي وتفادي الانطواء واسترجاع الكفاءات المفقودة.
-  من الناحية الاجتماعية: الحصول على الاستقلالية عن طريق تنمية العلاقات لتعزيز المشاركة في الحياة اليومية.
الإجراءات البيداغوجية العامة
تتسبب الإعاقة لدا كل شخص صعوبات جمة منها الحركية والنفسية والعضوية والعلائقية، الخ.
لنعمل كلنا كمتدخلين متخصصين على تخفيف تلك الصعوبات بواسطة النشاطات البدنية المكيفة وهذا بتحفيز الأشخاص المعنيين وتوفير كل الإمكانيات المادية والمعنوية لنجاح عملية المرافقة والمتابعة بتنمية تدريجيا مقاربة مهنية صحيحة وفعالة (سيرورة التدخل المهني) :
1.  يجب في البداية فهم والتعرف على المستهلك ولو كان الاكتشاف وجيز،
2.  ثم نحاول أن نحدد ما هي الحاجيات الضرورية كشخص وكمستهلك،
3.وبعد ذلك من الضروري تحديد أغلبية الصعوبات أو المعوقات والاضطرابات المختلفة الأكثر تأثيرا سلبا،
4. وفي الأخير يعمل المتدخل على تحديد الخدمات التي من الممكن أن يقدمها لهم حسب نوعية المؤسسة والفئة المعنية.
 كل هذا يساعد المتدخل على القيام بالدور المنوط والاختيار الأنسب للنشاطات والمناهج والوسائل وللفضاءات وحتى كيفي التواصل والتي تساهم كثيرا في تنمية وترقية وإشراك الشخص مع تكافؤ الفرص للجميع.

أنماط التدخل (حسب الصعوبة)
يجب أن نركز في تدخلاتنا المهنية على عدة عوامل اساسية التي تساهم في تحسين وتعزيز المرافقة النوعية وكذلك المتابعة الحكيمة لنجعل الشخص المستفيد من الخدمات المتوفرة على ايجاد كل الفرص للتنمية والترقية واثبات الوجود، وتكون التدخلات المهنية على العموم كالتالي:
1. تحديد الحاجيات الضرورية والدوافع.
2. القدرة على ملاحظة الشخص في جميع الأبعاد (الحركي والنفساني والعلائقي والخ)
3. استثارة كل المؤهلات لدى الشخص لاستغلال قدراته ولإبراز كفاءاته الذاتية المحفوظة (العقلية والحركية والنفسية، إلخ) ولو كانت بسيطة.
4.تنمية الصورة الإيجابية للشخص والتي تجعله يثق في كفاءاته لحثه على المشاركة.
5. خلق رغبة لتدريب جسده والإحساس بقدراته الذاتية.
6.  خلق فضاء تواصلي لتنمية التواصل الجسدي واللفظي والاشاري والامائي.
7.  تنمية إلى أقصى درجة قدراته الفعلية والتفاعلية الذاتية مع المحيط الطبيعي.
8.  خلق رغبة لبناء علاقات تبادلية وعلاقات اجتماعية.
9.  خلق رغبة للتكيف مع المحيط الملموس.
المرافقة والمتابعة المتواصلة والفعلية لتنمية وتفعيل المشاركة الاجتماعية(الدمج)
 المصادر القانونية
التشريع  الجزائري
1. القانون رقم 02-09 المؤرخ في 25 صفر 1423 الموافق 8 ماي 2002، المتعلق بحماية وترقية الأشخاص المعاقين.
2.  القانون رقم 13-05 المؤرخ في 14 رمضان 1434 الموافق 23 جويلية 2013، المتعلق بتنظيم وتنمية التربية البدنية والرياضة.
3.  المرسوم التنفيذي رقم 06-455 مؤرخ في 20 ذي القعدة عام 1427 الموافق 11 ديسمبر 2006، يحدد كيفيات وصول الأشخاص المعاقين إلى المحيط المادي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي.
4.  المرسوم التنفيذي رقم 12-04 المؤرخ في 10 صفر عام 1433 الموافق 4 جانفي 2012، متعلق بالقانون الخاص بمؤسسات الأطفال المسعفين و المعاقين.
الأعراف الدولية
1. الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان(CIDH) والطفل(CIDE) ، لاسيما البند 26 للإعلان الشامل لحقوق الإنسان والذي ينص على:"كل شخص له الحق في التعليم" والبنود 28،29 للإعلان الدولي لحقوق الطفل الذي يؤكد على  أن تعليم يجب أن "يسهل تفتح الشخصية" للشخص...
2. الاتفاقية الدولية حول الأشخاص المعوقين(CIDPH) المؤرخة في 23 مارس 2007 على كل الحقوق الكاملة للشخص المعوق والذي ينص في البند 30 على "المشاركة في الحياة الثقافية وأنشطة الترفيه والتسلية والرياضة لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من المشاركة على قدم المساواة مع الآخرين في الأنشطة الترويحية والترفيهية والرياضية، وتتخذ الدول الأعضاء التدابير المناسبة من أجل ذلك".
 الخاتمة
جميع التدخلات يجب أن تتركز على القدرات والاستعدادات وحاجيات ورغبات الشخص في وضعية اعاقة مع الأخذ بعين الاعتبار امكانيات المؤسسة وبالطبع المشاركة الضرورية للفريق المتعدد الكفاءات أو التخصصات لأن لها أهمية كبيرة لنجاح عملية المرافقة والمتابعة.
الأهداف المتبعة تعني من جهة تنمية القدرات والكفاءات والمؤهلات الذاتية ومن جهة أخرى التخفيف من والاضطرابات والتثمين الذاتي والتي تهدف إلى التكييف المقبول في كل الظروف التي تعترضهم ليطمح الشخص للمشاركة في نشاطات الحياة اليومية.
برنامجا مكيفا وثري مندمجا ضمن برامج المؤسسة سيدعم المرافقة الحقيقية لهذه الشريحة من المجتمع والتي لها الحق في العيش الكريم كفرد لا يتجزأ من المجتمع لبناء مشروعه الحياتي والمشاركة الفعلية في التنمية الشاملة.
                                        
                                 
       الأستاذ رشــــيد بوكراع
خبير ومستشار في التربية الخاصة

Aucun commentaire: